ومن فوائد الزواج المبكر حصول الأولاد الذين تقر بهم عينه يقول سبحانه وتعالى:
{وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [سورة الفرقان: 74]
فالأزواج والأولاد قرة أعين. إذ أن الله سبحانه وتعالى وعده أو أخبره بأن الزواج
تحصل به قرة العين فهذا مما يشجع الشاب ويقنعه بأن يقبل على الزواج (هب لنا
من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين) كما أن الأولاد. أيضًا أخبر الله سبحانه وتعالى أنهم
هم شطر زينة الحياة الدنيا {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [سورة الكهف: 46]
فالأولاد بهم زينة للحياة الدنيا والإنسان يطلب الزينة. وكما أنه يطلب المال كذلك
يطلب الأولاد لأنهم يعادلون المال في كونهم زينة الحياة الدنيا. هذا في الدنيا. ثم في
الآخرة الأولاد الصالحون يجري نفعهم على آبائهم كما قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
(إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث علم ينتفع به أو صدقة جارية أو ولد
صالح يدعو له) فالأولاد إذن فيهم مصالح عظيمة في الحياة وبعد الموت.
كذلك في الزواج المبكر وحصول الأولاد تكثير الأمة الإسلامية وتكثير المجتمع
الإسلامي. والإنسان مطلوب منه أن يشارك في بناء المجتمع الإسلامي يقول ـ صلى
الله عليه وسلم ـ: (تزوجوا فإني مكاثر بكم يوم القيامة) أو كما يقول ـ صلى الله عليه
وسلم ـ فالزواج تترتب عليه مصالح عظيمة منها ما ذكرنا فإذا ما شرحت للشاب هذه
المزايا وهذه المصالح فإنها تضمحل أمامه المشكلات التي تخيلها عائقة له عن
الزواج.
أما أن يقال الزواج المبكر يشغل عن التحصيل العلمي وعن الدراسة فليس هذا
بمسلم بل الصحيح العكس لأنه مادام أن الزواج تحصل به المزايا التي ذكرناها ومنها
السكون والطمأنينة وراحة الضمير وقرة العين فهذا مما يساعد الطالب على
التحصيل لأنه إذا ارتاح ضميره وصفا فكره من القلق فهذا يساعده على التحصيل.
أما عدم الزواج فإنه في الحقيقة هو الذي يحول بينه وبين ما يريد من التحصيل
العلمي. لأن مشوش الفكر مضطرب الضمير لا يتمكن من التحصيل العلمي لكن إذا
تزوج وهدأ باله وارتاحت نفسه وحصل على بيت يأوي إليه وزوجة تؤنسه وتساعده
فإن ذلك مما يساعده على التحصيل فالزواج المبكر إذا يسر الله وصار هذا الزواج
مناسبًا فإن هذا مما يسهل على الطالب السير في التحصيل العلمي. لا كما تصور أنه
يعوقه. كذلك قولهم إن الزواج المبكر يحمل الشاب مؤنة النفقة على الأولاد وعلى
الزوجة إلى آخره. هذا أيضًا ليس بمسلم لأن الزواج تأتي معه البركة والخير لأنه
طاعة لله ورسوله والطاعة كلها خير. فإذا تزوج الشاب ممتثلاً أمر النبي ـ صلى الله
عليه وسلم ـ ومتحريًا لما وعد به من الخير وصدقت نيته فإن هذا الزواج يكون سبب
خير له. والأرزاق بيد الله عز وجل: {وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}
[سورة هود: 6] فالذي يسر لك الزواج سييسر لك الرزق لك ولأولادك {نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ
وَإِيَّاهُمْ} [سورة الأنعام: 51] فالزواج لا يحمل الشاب كما يتصور أنه يحمله فوق
طاقته. لأنه يأتي معه الخير وتأتي معه البركة والزواج سنة الله سبحانه وتعالى في
البشر لابد منه فهو ليس شبحًا مخيفًا وإنما هو باب من أبواب الخير لمن صلحت
نيته. أما ما يتعللون به من العراقيل التي وضعت في طريق الزواج فهذه من
تصرفات الناس السيئة. أما الزواج في حد ذاته فلا يطلب فيه هذه الأشياء فضخامة
المهر مثلاً والحفلات الزائدة عن المطلوب وغير ذلك من التكاليف هذه ما أنزل الله
بها من سلطان بل المطلوب في الزواج التيسير فيجب أن يبين للناس أن هذه الأمور
التي وضعوها في طريق الزواج أمور يترتب عليها مفاسد لأولادهم ولبناتهم وليست
في صالحهم فيجب أن تعالج وأن يهتم بمعالجتها حتى تزول عن طريق الزواج وحتى
يعود الزواج إلى يسره وإلى سهولته ليؤدي دوره في الحياة ونسأل الله سبحانه
وتعالى أن يمن علينا جميعًا بالتوفيق والهداية وأن يصلح أحوال المسلمين وأن
يصلح شباب المسلمين وأن يرد للمسلمين مكانتهم وعزتهم كما أن الله سبحانه
وتعالى جعل العزة لهم في أول الأمر نسأله سبحانه أن يعيدها وأن يصلح شأنهم
{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ} [سورة المنافقون: 8]
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يبصرهم في دينهم وأن يكفيهم شر أعدائهم وصلى الله
وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين والحمد لله رب العالمين.